دليل المواقع التراثية في دول العالم الإسلامي

جمهورية أذربيجان

تتميز جمهورية أذربيجان بحضارتها القديمة التي تمتد إلى آلاف السنين، وتاريخها الثقافي العتيق الممزوج بأصالة الفن الإسلامي وعبق الطراز الأوروبي، مما يجعلها وجهة سياحية رائعة للباحثين عن رحلة ثقافية ثرية بالمواقع التراثية الرصينة⁽[1]⁾. وفيما يلي نتناول المواقع التراثية المسجلة في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومجموعة من أبرز وأشهر المواقع غير المسجلة في القائمة، فضلًا عن الهيئة المعنية بشئون المواقع التراثية في جمهورية أذربيجان بشكل عام ومعلومات الاتصال بها.  

أولًا: المواقع التراثية المسجلة في قائمة التراث العالمي:-

• مدينة باكو المحصنة مع قصر الشيروان شاه وقلعة العذراء:

على الحافة الغربية لبحر قزوين، وخلال القرن الثاني عشر، تأسست مدينة باكو العريقة التي تُعد أحد أهم المزارات السياحية التاريخية في جمهورية أذربيجان، وتمثل تجسيدًا لتعاقب ثقافات وحضارات عدة على الأراضي الأذرية^([1]). وقد كانت المدينة محاطة بسور يبلغ طوله حوالي 221م – لا زالت له بقايا حتى عصرنا هذا- ، بُني بالأساس من أجل تحصين المدينة ضد أي اعتداءات أو غزوات خارجية^([2]).

وتزخر مدينة باكو بالكثير من المعالم التراثية التاريخية، أبرزها قصر الشيروان شاه الذي يُعتبر أحد لآلئ العمارة الأذربيجانية، فهو عبارة عن مجمع متكامل يضم المبنى الرئيسي للقصر الذي كان المسكن الأخير لحكام ولاية شيروان، كما يشتمل على مقبرة عائلية ومسجد الشاه الذي يتضمن منارة ارتفاعها 22 مترًا. وهناك أيضًا قلعة العذراء التي يعود تاريخ بنائها إلى القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، وتتوسط السور المحيط بمدينة باكو المحصنة من جميع الجهات. وقد تم تسجيل هذا الموقع في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2000^([3]).

• مشهد غوبستان الثقافي للفن الصخري:

يحظى مشهد غوبستان الثقافي للفن الصخري بقيمة متميزة على الصعيد العالمي، نظرًا لجودة وفخامة النقوش الصخرية الموجودة به، والتي تعكس أنماط الحياة في عصور ما قبل التاريخ والعصور الوسطى^([1]).  

ويُعد هذا الموقع جزءًا لا يتجزأ عن محمية غوبستان، ويمتد على ثلاثة مناطق تطل على المنطقة شبه الصحراوية لوسط أذربيجان ليغطي مساحة 537 هكتارًا، تشمل مجموعة استثنائية تجاوز 6000 نقش صخري، إضافةً إلى آثار كهوف كانت مأهولة بالسكان، وبقايا مرافق مأتمية تبرهن جميعها على وجود استيطان بشري في الموقع منذ أقدم العصور التاريخية. وقد تم تسجيل هذا الموقع في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2007^([2]).

• مركز شيكي التاريخي وقصر خان الملكي:

عند سفح جبل القوقاز، تقع مدينة شيكي التاريخية ذات الشوراع الواسعة المرصوفة بالحصى، والتي لا تزال تحتفظ بالكثير من المناظر الطبيعية الخلابة والفنون المعمارية والحرف اليدوية التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى والفترات الصفوية والروسية. وينقسم هذا الموقع إلى قسمين، يمتد الجزء الشمالي منه – الأقدم- على الجبال، بينما يمتد الجزء الشرقي على طول وادي نهر جرجانا.

وعلى مر العصور احتلت تلك المدينة مكانة اقتصادية هائلة بين غيرها من المُدن، كونها تطل على أهم طرق التجارة التاريخية، مثل: طريق الحرير القديم. ولعل أبرز معالمها، قصر خان الملكي الذي تم تشييده منذ حوالي 250 سنة في شمال شرق لمدينة، ليمثل – جنبًا إلى جنب مع غيره من منازل التجار العتيقة- تجسيدًا لتلك الثروة التي نتجت عن تربية دودة القز وتجارة الشرانق خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.⁾[1]⁽

ونظرًا لأهميته التاريخية، فقد تم تسجيل هذا الموقع في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2007^([2]).

ثانيًا: أبرز المواقع التراثية غير المسجلة في قائمة التراث العالمي:-

• المدينة القديمة غابالا:

خلال القرن الرابع قبل الميلادي وعلى السفح الجنوبي لجبال القوقاز، تأسست مدينة غابالا القديمة التي بقيت زهاء 800 عام – أي حتى القرن الخامس الميلادي- عاصمة لألبانيا القوقازية – الدولة الأذربيجانية القديمة-^([1])، ومركزًا إداريًا واقتصاديًا وثقافيًا ذا أهمية محورية على الصعيد العالمي. وتُعرف مدينة غابالا بجمالها الطبيعي الاستثنائي، حيث تضم العديد من الثروات والكنوز التي تعود إلى أقدم العصور، وتمزج بين فنون مُختلف الحضارات التي تعاقبت عليها على مر الزمان، مما جعلها قبلة للسياح من شتَّى أنحاء العالم.^([2])   

• معبد آتشكاه^([1]):

على بُعد 30 كم من مدينة باكو، تم تشييد معبد أتشكاه من قبل الهنود الزرادشتيين في عام 1713م، كي يكون محلًا لعبادة النار. ويشتهر هذا المعبد بوقوعه في مكان كان يشتعل فيه الغاز الطبيعي المتسرب إلى سطح الأرض – وهو ما يتم تفسيره بسبب ظاهرة اللهب الأبدي- ^([2]). لذا تم اعتبار هذا الموقع أحد أهم الأراضي المقدسة للزرادشتيين وغيرهم من عبدة النار من الهند وبلاد فارس. ويُعتبر الموقع الآن بمثابة متحفًا يزوره آلاف الأشخاص كل عام⁽[3]⁾.

وتمهيدًا لترشيحه للانضمام إلى قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، فقد تم إدراج هذا المعبد على القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي في عام 1998م.

• كهف أزوخ:

يُعد كهف أزوخ أحد أهم المواقع التراثية التي ينجذب إليها السياح من مُختلف أرجاء العالم، اكتشفه عالم الآثار محمد علي حُسينوف في عام 1960م أثناء قيامه بعملية تنقيب في بلدة فيزول بمنطقة قرة باغ، حيث يتألف من عدة قاعات متصلة ببعضها البعض من خلال ممرات ومداخل ضيقة. ويعتبر هذا الكهف أقدم كهف للاستيطان البشري المبكر في جمهورية أذربيجان، ففي عام 1968م، تم العثور على عظام لفك وعظام إنسان يعود تاريخها إلى ما يناهز 350 – 400 سنة مضت.[1]

• حصن جلرسن جوريرسن:

يتميز حصن جلرسن جوريرسن – الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر الميلادي- بوقوعه في موقع استراتيجي متميز، حيث تم تشييده على قمة جبل غاراتيب على الضفة الغربية لنهر كيش على بعد 4 كم من مدينة شيكي^([1])، ضمانًا لتوفير الحماية اللازمة للمدينة ضد أي غزو أو تدخل خارجي. ونظرًا للمناظر الخلابة التي يطل عليها ذلك الحصن، فقد ظل منذ قديم الزمان مقصدًا للسياح والزائرين الباحثين عن الاستجمام والراغبين في الاستمتاع برحلة ثقافية يتعرفون فيها على تفوق وبراعة الحضارات الأذربيجانية القديمة.

• ضريح مؤمنة خاتون:

يمثل ضريح مؤمنة خاتون أحد لآلئ العمارة الأذربيجانية، بناه المهندس المعماري عجمي أبوبكر أوغلو ناختشيفان خلال القرن الثاني عشر الميلادي^([1]) من الطوب المحروق، وتم تغطية نتوءاته بنقوش مكتوبة بالخط الكوفي على مساحة 500 متر. أما عن هيكل السطح، فقد تم تصميمه ببلاط باللون الفيروزي يتكون من زخارف هندسية متنوعة. وكان ارتفاعه يبلغ 34 مترًا، إلا أنه تم تدمير الغلاف الخارجي الذي كان يبلغ ثمانية أمتار.^([2])

• قلعة Çiraq Qala (قلعة المصباح):

واحدة من أهم مواقع التراث في جمهورية أذربيجان هي قلعة المصباح “Çiraq Qala”، بناها الملوك الساسانيون خلال القرن الخامس الميلادي بارتفاع يتجاوز 1200 م^([1])، على بعد حوالي 25 كم من منطقة شابران، بهدف حماية المنطقة من الاعتداءات والغزوات الخارجية. وتُعد هذه القلعة مقصدًا للسياح من مُختلف أنحاء العالم، إلا أنه يصعب الوصول إليها برًا نظرًا لوعورة الطريق الملئ بالصخور الكبيرة، الأمر الذي يجعل الزائرين يأتون إليها على أقدامهم لمسافات طويلة عن طريق القرى المجاورة.^([2])

• مجمع الشيخ بهاء الدين:

أنشأه الشيخ بهاء الدين خلال القرن السابع عشر الميلادي في مدينة كنجة. ويضم المجمع العديد من المعالم الهامة، أبرزها ذلك المسجد الذي يتميز بزخارفه الرصينة.. “مسجد جمعة” الذي تم بناؤه خلال القرن الثاني عشر الميلادي^([1]) في عهد الشاه عباس.

ويضم المجمع كذلك حمام شيكياك Chekyak-Khammy))^([2]) الأثري الذي بُني من الطوب الأحمر ويتضمن قاعتين متصلتين وبه حوض سباحة ونافورة رائعة، وقد اشتهر هذا الحمام بنظام تدفئته الفريد الذي كان يتم عن طريق أنابيب خزفية تمر داخل الجدران والأرضيات لتنشر البخار بالتساوي ليتم تدفئة المبنى بأكمله، وقد ظل هذا النظام يعمل حتى عام 1963م.

بالإضافة إلى ذلك، فإن من أبرز معالم المجمع مبنى Caravanserai، الذي يتكون من طابقين بهما 15 قاعة و54 غرفة، ويُعد بمثابة مركز المعرفة في المنطقة، حيث يقصده الراغبون في تلقي مُختلف العلوم والمعارف.

ثالثًا: الهيئة المعنية بشئون المواقع التراثية في جمهورية أذربيجان:-

تُعد وزارة الثقافة هي الهيئة المعنية بشئون المواقع التراثية في جمهورية أذربيجان، حيث تضطلع بشتَّى المهام المتعلقة بصيانة هذه المواقع والقيام على مصالحها، ومن أبرز هذه المهام مايلي: ^([1])

• ” تشجيع البحث والتحليل في المجالات ذات الصلة، والعمل على تطبيق النتائج والنظريات المؤثرة.
• اتخاذ التدابير اللازمة لترميم التراث الثقافي لأذربيجان ودعمه وتنميته.
• إرساء الإجراءات اللازمة لتسجيل القطع والمجموعات المتحفية التي تشكل جزءًا من صندوق المتحف في جمهورية أذربيجان.
• التزود بالمعلومات الثقافية والحصول على الإصدارات اللازمة لإثراء وتكملة صناديق المتاحف والمكتبات والمعارض الفنية وقاعات المعارض المملوكة للدولة، وضمان حفظها وتسجيلها حمايتها وتعزيزها وعرضها.
• إدراج الموارد الثقافية (باستثناء الموارد الثقافية غير القابلة للنقل) في قائمة الدولة للممتلكات الثقافية الوطنية لجمهورية أذربيجان، وكذلك قائمة حماية الموارد الثقافية على النحو الذي يحدده مجلس وزراء جمهورية أذربيجان.
• إسناد الممتلكات الثقافية ذات الأهمية الخاصة (فيما عدا الموارد الثقافية غير القابلة للنقل) إلى قائمة عناصر التراث الثقافي الوطني.
• إعداد قوائم تشمل الموارد الثقافية التي ينبغي حمايتها (فيما عدا الموارد الثقافية غير القابلة للنقل).
• بناء نظام معلومات إلكتروني في المجالات ذات الصلة، وذلك بما يتفق وأحكام قانون الثقافة في جمهورية أذربيجان.
• نشر قائمة الموارد الثقافية المحمية على موقعها الإلكتروني، مع ضمان تحديثها ونشرها في المنشورات الرسمية بشكل منتظم.
• تحقيق الاستخدام الأمثل للتراث الثقافي والطبيعي والتاريخي الذي يقع ضمن المعالم السياحية، مع إيلاء الاعتبار لمنظور المنظمات الأخرى ذات الصلة.
• تنظيم حماية الآثار التاريخية والثقافية غير القابلة للنقل تحت حماية الدولة.
• إصدار الأوامر المتعلقة بتنظيم أعمال ترميم الآثار التاريخية والثقافية غير المنقولة (المباني والمرافق) الموجودة في المناطق المتضررة من الحوادث الطبيعية أو التي يتسبب فيها الإنسان.
• تحديد معالم التراث الثقافي اللازم حمايتها.
• ضمان حماية المعالم التاريخية والثقافية، مع التوصية بحماية الدولة للمعالم التي تم اكتشافها مؤخرًا، وتصنيفها حسب درجة أهميتها.
• في حالة اكتشاف معلم أثري في مناطق تغطي مساحة تزيد عن هكتار، خلال تطوير الاتصالات الهندسية للطرق السريعة (أنابيب النفط والغاز…إلخ)، تتولى الوزارة عملية الترخيص للإنشاءات والأنشطة الاقتصادية في هذه المنطقة بما يتفق وقانون جمهورية أذربيجان بشأن حماية المعالم التاريخية والثقافية.
• في حالة اكتشاف معالم تراثية وتاريخية غير قابلة للنقل، خلال أعمال البناء والأنشطة الاقتصادية، تضطلع الوزارة بالتصريح بمواصلة البناء والأعمال الاقتصادية في المنطقة بما يتماشى مع قانون جمهورية أذربيجان بشأن حماية المعالم التاريخية والثقافية.
• الموافقة على إقرار تطوير المعالم التاريخية والثقافية غير القابلة للنقل، وذلك تحت حماية الدولة وبما يتفق وقانون التخطيط الحضري والبناء في جمهورية أذربيجان.
• التصريح بنقل المعالم ذات الأهمية المحلية، وفقًا لقانون جمهورية أذربيجان بشأن حماية المعالم التاريخية والتراثية.
• تنفيذ تدابير محاسبة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين عن انتهاكات الأنظمة المتعلقة بحماية المعالم التاريخية والثقافية.  

ولمعرفة المزيد عن وزارة الثقافة الأذربيجانية أو المواقع التراثية في جمهورية أذربيجان، إليكم معلومات الاتصال بالوزارة: